الحمد والشكر لله وصلاته على النبي وآله :
بسم الله النور ، بسم الله نور النور ، بسم الله نور على نور ، بسم الله الذي هو مدبر الأمور ، بسم الله الذي خلق النور من النور ، الحمد لله : الذي خلق النور من النور ، و أنزل النور : على الطور ، في كتاب مسطور ، في رق منشور ، بقدر مقدور ، على نبي محبور ، الحمد لله : الذي هو بالعز مذكور ، و بالفخر مشهور ، و على السراء و الضراء مشكور .
سبحان ذي العز الشامخ المنيف ، سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم ، سبحان ذي الملك الفاخر القديم ، سبحان من لبس البهجة و الجمال ، سبحان من تردى بالنور و الوقار ، سبحان من يرى أثر النمل في الصفا ، سبحان من يرى وقع الطير في الهواء ، سبحان من هو هكذا و لا هكذا غيره ، و صلى الله على سيدنا محمد و آله الطاهرين .
يا من ليس غيره رب يدعى ، يا من ليس فوقه إله يخشى ، يا من ليس دونه ملك يتقى ، يا من ليس له وزير يؤتى ، يا من ليس له حاجب يرشى ، يا من ليس له بواب يغشى ، يا من لا يزداد على كثرة السؤال إلا كرما و جودا ، و على كثرة الذنوب إلا عفوا و صفحا ، صل على محمد و آله .
اللهم : صل على الصديقة فاطمة الزهراء الزكية ، حبيبة نبيك و أم أحبائك و أصفيائك ، التي انتجبتها و فضلتها و اخترتها على نساء العالمين .
اللهم : كن الطالب لها ممن ظلمها و استخف بحقها ، و كن الثائر اللهم بدم أولادها ، اللهم و كما جعلتها أم أئمة الهدى و حليلة صاحب اللواء و الكريمة عند الملإ الأعلى ، فصل عليها و على أمها خديجة الكبرى صلاة تكرم بها وجه محمد صلى الله عليه و آله ، و تقر بها أعين ذريتها ، و أبلغهم عني في هذه الساعة أفضل التحية و السلام .|
يا الله : الفاطر الفاتق ، الفالق الفتاح ، الفاصل الفارق ، الفاضل الفرد ، فارج كل هم ، ، فخر من لا فخر له ، صلي على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد ما أحاط به علمك وأحصاه كتابك إنك أرحم الراحمين وخير الناصرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .
العلم بصحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام :
إن الله سبحانه وتعالى : هو العليم الخبير والعلي القدير والهادي لعبادة بأحسن تقدير ، قد أصطفى من خلقه وأختار مَن علِم صدقهم ، وكمل إخلاصهم ، وحسِن علمهم وعملهم في طاعته ، فجعلهم هداة لعبادة ، فوفقهم ومكنهم من تبليغ رسالته وتعليم هداه بما به خير الخلق وصلاحه وسعادته في الدارين ، فجعل خير البشر وأفضلهم في كل زمان هداة لعباده ، واصطفاهم أنبياء وأوصياء وأئمة للمؤمنين وللناس أجمعين ولم يخلِ زمان منهم على طول التأريخ البشري ، وكان لكل زمان ما يناسبه من القائمين بأمره وتبلغ هداه .
وحين تكامل خلق الله : لغاية بها كانوا في أحسن كمال وتمام في العلم والعمل ، وصار الخلق وخصوصا خلاصته الإنسان يمكنه أن يظهر من التوجه لعظمة الله ما يقيم به كمال العبودية له ، وأقصى ما يمكن أن يتوجه له في تطبيق تعاليمه وحدودها ، إن أحسن العلم والعمل بنور تعاليم دينه الحق ، بعث وأرسل أتم وأكمل نور هداه ، وأنزل غاية ما يمكن أن يقام به العبودية له وأحسن معارف توحيده ، وعلى أفضل وأكرم وسيد الأنبياء والمرسلين وأخرهم وهو نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وبه ختم إنزال تعاليمه إلى يوم الدين ، وجعل بعده أوصياء وأئمة هدى من آله وصلبه ، وهم أهل بيته وعترته الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم أجمعين ، فجعلهم ولاة لدينه القويم وشارحي لرسالته ومبيني لواقع دين الله بحق كما يحب ويرضى ، ولهم يرجع الناس للتعلم فضلا عن حين الاختلاف وزمان الخلاف بينهم ، ولم يجعل لوعاظ السلاطين و لا للمغرضين ولا للمنافقين سبيل للقول بدينه سبحانه بغير علم ، ولا من غير هدى يبين كذب الكاذبين ، وصدق الصادقين من المصطفين الأخيار الأبرار .
ففي كل أدوار التأريخ : كما كان النبي أو وصيه من الرجال جعل من النساء امرأة أو أكثر كلا حسب دورها تحمله وترعاه وتربيه أو تحمل ذريته أو تكون حوله تعتني بشؤونه ، وكان لها أكبر الأثر في نشر رسالته و تعليم هداه لبنات جنسها ، فتتلقى معارفه وتنقل هداه وتعلم دينه بما يناسب حشمة الهدى وعفاف الدين ، وكل ما يمكن أن يجمع المؤمنات على إقامة العبودية لله وحده لا شريك له و بأحسن علم وهدى وصراط مستقيم ، متأسيات بها ومقتديات بإيمانها وإخلاصها ، بل تكون معلمه للرجال وقدوة لهم في كثير من معارف هدى الله وبالخصوص في الحياة الأسرية والاجتماعية والاقتصادية وفي كثير من معارف الهدى والعبودية لله تعالى .
ويا طيب : كما كانت هناك أمهات وأخوات وزوجات وبنات للأنبياء والمرسلين وأوصيائهم ، وكان لهن أكبر الأثر في رعاية هدى الله حتى كثرة قصصهن في كتاب الله المجيد ، ودورهن الكريم في تأريخ الهدى والدين .
كان هناك نساء : قصرن وعاندن وانحرفن عن هدى رب العالمين ، وكما كان هناك من الرجال كفار ومشركين ومنافقين .
فشكلن النساء مع الرجال حزبين : حزب هدى وحزب ضلال ، وفريقين فريق توحيد لله تعالى وبأعلى إيمان وإخلاص ، وفريق كفر وشرك ونفاق ، وكان بينهم على طول التأريخ مجاهدة ومناضلة ، فنجى وفاز أهل الهدى وحصلوا على رضا الله تعالى حتى أسكنهم جنته وأباحهم كرامته ، وجللهم بنوره وعزه حتى ملكهم الكتاب والحكمة وكل خير من نعيم مقيم لا زوال له ولا اضمحلال ، وفريقا متعهم قليلا ثم أهواهم الحاطمة وأدخلهم ناره وعذابه وهوانه وخالدين في الجحيم إلى أبد الآبدين .
والآن يا أخي الطيب : نتكلم في هذه الصحيفة الماثلة بين يديك المسماة بصحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام ، والتي هي إحدى صحف موسوعة صحف الطيبين ، عن أكرم وأشرف وأنبل وخير امرأة عرفها التاريخ ، وأفضل وأكرم عبده من عباد الله عند الله وفي تعليم هدى الله ونشره والدفاع عنه وتعريفه ، وهي سيدة نساء العالمين وخير مؤمنة في أمة محمد صلى الله عليه وآله التي لها خير نبي ودين ، وهي سيدة نساء أهل الجنة صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبينها أجمعين .
وأعلم يا طيب : إن الكلام عن فاطمة الزهراء الصديقة المصطفاة هو كلام عن ثمرة الرسالة وقرة عين الرسول ونور الله في ملكوته وأرضه ، وكآلها الكرام من الرجال ، فإنها في النور مثلهم وبها يتصل كلهم ويجتمع شملهم ، وبالدين والهدى الذي تعلمته ونشرته يعرف كثير من الحق من هداهم ، فإنها كانت عالمه فهمة صديقة بحق الكلمة وبواقع المعنى ، وذلك لما سترى هنا في هذه الصحيفة من دورها في تأريخ الرسالة الإسلامية ، وما أبدته من الإخلاص في عبودية الله وإقامة تعاليمه بما يحب ويرضى ، وبما عرّفت من تعليمها وبنشرها لواقع الدين الذي يرضي الله سبحانه وتعالى .
ومع ما كانت عليه الصديقة الزهراء : في قصر الزمان وقلة العمر في الدنيا ، وإنه لم تتجاوز الثامنة عشر من السنين في حساب الزمن الأرضي إلا قليل ، ومع ذلك إنك لا تجد باب من أبواب أصول الدين والإيمان إلا ولها كلمة جامعة تكون من أُسس معارف هدى الله بحق ، بل يمكن القول في كل أبواب فروع الدين والأخلاق وآداب الهدى ترى لها كلمة أو دور كريم في تعريف هدى الله سبحانه وتعالى ، وبأحسن علم و ببليغ الكلام ، وبه تعرف عظمتها وجليل شأنها الكريم عند الله في الملكوت والأرض ، وعند ورسوله والأئمة المعصومين وكل المؤمنين والطيبين من الناس أجمعين ، فضلا عن تأريخ الدين وتعليم معارف الله .
العمل بصحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام :
يا طيب : لما عرفت سيكون البحث هنا في هذه الصحيفة في جزأين : الجزء الأول : الموسوم ب ( نور حياتها في الملكوت والأرض ) ، حيث يُبين نور حياتها وتأريخها الكريم في السماء والأرض ، فيعرفنا نورها في الملكوت قبل ولادتها قبل الدنيا وحين ولادتها وحين زواجها وفي الجنة في ملكوت الأبد ونيعمه ، ويعرفنا كذلك شأنها ودورها في حفظ الهدى ومساعدة نبي الرحمة وصاحب خاتم الرسالة الإلهية للعباد ، وإخلاصها ونصيحتها لوصية وآله وعترتهم الكرام ، وأئمة الحق في تبليغ هدى الله ونشره وعنايتها بهم بعده ، حتى كانت عليها السلام له ولهم بحق مكان الأمن ومحل الراحة من هم الدنيا وغمها ، وفي بيتها كان لهم صحن يرتاحون به عن متاعب ساحات الوغى ، وفناء دار يترفع ويفنى فيه كل عناد أهل الضلال والكفار والمشركين والمنافقين ومكرهم وحيلهم .
بل في بيتها الكريم : كان نور صبرها وفدائها وتضحيتها وتحملها المشاق في سبيل الله ما يُنفس عن النبي وآله همهم وغمهم ويُذهب كل مصائب الدنيا عنهم ، بل كانت عين ترعاهم وتحبهم ويحبونها ، وتخلص لهم المودة ويخلصون لها الود في جنب الله ، وفي دارها تمكنوا من إقامة العبودية لرب العالمين وتبليغ هدى الله بما يحب ويرضى ، فكانت شريكتهم في نشر نور الله وكل ما يوصل عباد الله لعبودية الله وإقامة هداه حتى يصلوا لكمالهم في النعيم ونوره .
وبما سترى يا طيب : من نورها في ملكوت الرب وكريم أسمائها المعبرة عن علو شأنها ومجدها ، وبما سترى من شرف أسرتها وكثير مما يخص أحوال ولادتها ونور زواجها وكرامة الرب لها ، وشمائلها وخصائصها وعبادتها وزهدها وورعها وحبها لرسول الله وآله الكرام وأئمة الحق وولاة دين الله بعده وإخلاصها لهم ، فتعرف بحق بأنها كانت الصديقة الطاهرة الزكية المصطفاة المختارة من رب العالمين لمساعدة نبي دينه ورسوله الكريم وأئمة هداه بعده ، فهي كما كانت محل يرتاح له نبي الرحمة ووصية فيتنفس فيه الراحة من غير تكدير ولا خداع ولا مكر ، بل بما يحب من الرحمة والرأفة والعناية ومن غير اعتراض ولا طلب شيء من أمر الدنيا حتى ولا قوة يومها فضلا عن الزينة ومتاع الدنيا ، وكما سترى من سيرتها الكريمة وسلوكها النبيل مع نبي الرحمة وآله الأخيار ، بل كانت عليها السلام تتعلم دينهم وتُعلمه وتنشر هدى الله بأحسن ما يمكن لمخلوقة بل لهم أختارها الله تعالى عونا ومساعدا في إقامة دين الله وتقواه وتبليغ رسالته ، وبنفسها كانت معلمة لعباد الله لكثير من هداه إيمانا وإخلاصا وعلما وعملا وسيرتا وسلوكا وتطبيقا وبحق الدين القويم وصراطه المستقيم .
فلذا يا أخي الكريم الطيب : يمكننا فقط من كلماتها ومعارف كانت تنزل في حقها وفي شأنها الكريم أو كان لها الدور الأكبر في تعلمها تعليمها ونشرها بجوامع الكلم وتفصيله ، أن نعقد قسم آخر لبحث شريف في هدى الله وفي كل أبواب أصول الدين وفروعه ، بل بكل ما يكون من المهم من نور هدى الله ودينه الحق ، وبواقع المعرفة التي تُرضي الله تعالى .
وعلى هذا يا طيب : سترى في الجزء الأول : من صحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام هذه أبواب نور في دور الصديقة الزهراء في بيان نور حياتها وتأريخ الدين ورعايتها لسيد المرسلين وخير الوصيين ولسيدي أهل الجنة ، ودورها في بيان هدى الله تطبيقا وعملا ، وشأنها الكريم ومحلها في أسباب ومناسبات شريفة تعرف نور الله وأئمة الحق ودينهم الذي يرضى به الله سيرة وسلوكا .
وفي الجزء الثاني : ستكون أبواب تفتح لنور العلم في أصول الدين وفروعه والأخلاق الإسلامية الكريمة والآداب الإيمانية الحسنة ، ولكثير من مسائل ومعارف هدى رب العالمين في كثير من مجالات الحياة الطيبة الكريمة للمؤمنين بحق ، والتي بها يتم إقامة عبودية الله ، و كما علمتها الحوراء الإنسية فاطمة الزهراء عليها السلام ، أو كان لها دور في ظهور معارفها ونور وهداها ، فتابع يا طيب بتمعن بما في صحيفتها الكريمة هذه ، وأسأل الله أن ينفعنا بها دنيا وآخرة ، وقل كما أقول بما علمتنا الصديقة الزهراء وبكل إيمان ويقين :
دعاء وإهداء صحيفة فاطمة الزهراء لولدها :
اللهم : بعلمك الغيب و قدرتك على الخلق : أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ، و توفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ، اللهم : إني أسألك كلمة الإخلاص ، و خشيتك : في الرضا و الغضب ، و القصد : في الغنى و الفقر ، و أسألك : نعيما لا ينفد ، و أسألك : قرة عين لا تنقطع ، و أسألك : الرضا بالقضاء ، و أسألك : برد العيش بعد الموت ، و أسألك : النظر إلى وجهك ، و الشوق : إلى لقاءك من غير ضراء مضرة و لا فتنة مظلمة ، اللهم : زينا بزينة الإيمان ، و اجعلنا : هداة مهديين يا رب العالمين .|
ويا ربي ويا خالقي : أجعل عملي خالصا لك وتقبله بأحسن القبول والرضا ، اللهم أسألك بوجهك الكريم أكرم الوجوه ، وبحق أسمائك الحسنى التي دعاك بها الأنبياء والمرسلين وجميع الشهداء والصديقين وبالخصوص نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين وأشرف وخير الخلق أجمعين ، وبحق الدعاء الذي دعتك به الصديقة الطاهرة الزكية فاطمة الزهراء وبما نقلنا من أدعيتها في أول الكلام وآخره أن تصلي على محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وأن توصل كتابي هذا صحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام هدية لمولاي صاحب الزمان القائم بأمرك مهدي الأمة الذي جعلته من ذريتها صلى الله عليه وآله وسلم ، وعجل ظهوره واجعلني من أعوانه وأنصاره ، فترضيه عني حتى تدعوني به وبآله اليوم ويوم يدعى كل أناس بإمامهم ، فإني رضيت بك يا ربي ربا وبأبيها نبينا ، وببعلها وبنيها حتى أخرهم الحجة بن الحسن أئمة ، وبهداهم مسلما ومؤمنا حتى اليقين لا أشرك به شيئا أبدا .
فيا رب : إنك وليي الآن ويوم الدين أصدقني النية في الإيمان والعلم والعمل به وكل الطيبين والمؤمنين المهتدين بهدى نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وصلي وسلم عليهم أجمعين ، إنك أرحم الراحمين وعلى كل شيء قدير ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .
وقد تمت المقدمة وبعض الأبواب من صحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام في يوم مولدها المبارك في 20 جمادى الثاني سنة 1425 ورفع ما تم إلى الانترنيت ، وأسأله الله تعالى أن يوفقني لإتمام باقي الأبواب
إنه أرحم الراحمين وهو ولي التوفيق .
أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موقع موسوعة صحف الطيبين
www.msn313.com