نعود كما بدأنا .. ونسير نضل الطريق مرات ومرات .. بلا ملامح ولا صور .. نعود نهدم ما بنينا بأيدينا .. ويقضي الآخرون على ما بنينا .. تلك هي المعادلة البسيطة : (( حزن يتكثف أمام العيون )) .. يهطل مطراً .. وضياعاً .. وألماً وأنيناً وتكبر الجراح وتكبر ليتسع بها الزمن .. وتكبر هي على حسابه .
تجرحنا الأيام والسنون .. وتمضي بنا إلى آخر الوجود .. تحطم أشياءنا الجميلة .. أرواحنا القوية .. وأجسادنا الضعيفة .. وحتى الحزن الساكن بين أهداب العيون عنوة وقهراً .. ففي هدأة العيون البريئة يغرز الزمان رماحه...
زلزلة هي الأشياء فينا .. وجرحنا ما تزال تنكأه الجراح .. وورودنا يقطفها الشوك .. ويملأ الطريق حزن يحطم الحواجز .. ويجتاز العقبات .. ويقضي علينا .. نصبح بلا ملامح .. ولا وجوه .. ولا قلب .. فقد باتت تقلبنا المقاييس .. وننقلب معها لتصبح الأشياء الجميلة مكللة بسواد الأيام القادمات بلا أشرعة .
يستقيل كل شيء .. كل شيء .. بدءاً من المشاعر .. مروراً بالوفاء وانتهاء بالحياة كلها .. فلا الوجود وجود .. ولا المكان قادر على جَعْل الحياة فَرِحَة .. تسكنها البهجة . ولا السعادة قادرة على جَعْل الروح بداية للانطلاق .. أو لحياة جديدة .. يغمرها الفرح . هو ذا الصمت يمزق ثنايا الفجر بغضب .... بروح التمرد .... وعصيان الإنسان على الانكسار .
تمضي بنا الحياة بلا توقف .. بلا استراحة .. تدفعنا دفعاً إلى أسنة الجراح ليخطفنا الحزن .. ويقضي علينا الانتظار .. ويصبح الإنسان لا قدرة له في السباحة ضد التيار .. ولا قوة تستطيع كسر المحال . فالجرح يطويه جرح .. وجراح تكبر بجراح .. والقلب يقف عند بداية الطريق .. وسطها .. ولا يجد من إشارة تدله على نهاية الطريق أو سلوك درب السلامة!
أصبح وجودنا سراباً .. وأمسينا بلا وجود .. ولا أثر . فقد ساومتنا الأحزان على الحزن .. وعلى انتظار البقاء بلا أمل .. ونثرت كل أشواك الورد حولنا .. وكل تواشيح الألم
مساكين نحن .. عندما يمر انيننا بلا وجه ولا ملامح . وقاسي عندما تمضغ رؤوسنا بأكفان السواد إطراف النهار ... وآناء الليل .